العناية بالنفس بعد الولادة: ضرورة وليست رفاهية

أن تصبحي أمًا تجربةٌ مُرهِقةٌ وجميلة، لكنها في الوقت نفسه مُرهِقة. بعد الولادة، يتغير الجسد، وينقلب العقل رأسًا على عقب، وتُعاد تنظيم الحياة اليومية تمامًا حول هذا الكائن الصغير الذي يعتمد عليكِ كليًا. إنها فترةٌ هشةٌ، مليئةٌ بالمشاعر المُتضاربة. ومع ذلك، من الضروري في هذه الفترة تحديدًا أن تُفكّري في نفسكِ.

إنّ الاهتمام بنفسكِ بعد الولادة ليس أنانيةً، بل هو حاجةٌ حيويةٌ، وشرطٌ أساسيٌّ للحفاظ على التوازن، والحفاظ على صحتكِ النفسية، ومواصلة منح طفلكِ وعائلتكِ الحبّ والصبر. الأمّ المُرضية هي عائلةٌ سليمة.

للأسف، تشعر العديد من الأمهات بالذنب عند طلب المساعدة أو تخصيص وقتٍ لأنفسهن. ومع ذلك، لا عيبَ في الاعتراف بالتعب، أو الإرهاق، أو ببساطة الحاجة إلى استراحة. طلب المساعدة من أحبائكِ أو شريككِ، والابتعاد لبضع ساعات عن مسؤولياتكِ، وإعادة اكتشاف متعكِ الشخصية الصغيرة... كل هذه الأمور تساعدكِ على إعادة بناء حياتكِ بعد الولادة.

ولا تنسي أيضًا الأمور البسيطة والأساسية: النوم في أسرع وقت ممكن، وتناول نظام غذائي متوازن، والتحرك قليلًا كلما سمح لكِ جسمكِ بذلك. هذه أفعال بسيطة يمكن أن تُحدث فرقًا حقيقيًا خلال هذه الفترة العصيبة.

ويجب أن نقول بوضوح: اكتئاب ما بعد الولادة موجود. إنه ليس مجرد نزوة أو ضعف؛ إنه مرض حقيقي وخطير يُصيب العديد من النساء. عندما تُعانين منه، لا تترددي في استشارة أخصائي. كلما أسرعتِ في طلب الدعم، كان ذلك أكثر فعالية. وإذا كنتِ تعرفين أمًا تمر بهذه المحنة، فأفضل ما يمكنكِ فعله هو الاستماع إليها بلطف وتوجيهها نحو المساعدة المهنية.

على الرغم من هذه العاصفة العاطفية، وعلى الرغم من التعب، وعلى الرغم من الشكوك، تبقى الأم قوة لا تُصدق. لأن حبها لطفلها فريد، غريزي، وغير مشروط. هذا الحب هو ما يمنحها الشجاعة للنهوض كل يوم، حتى وهي منهكة، حتى عندما تكون معنوياتها منخفضة.

لكن تذكر دائمًا: لكي تعطي، عليك أن تشبع نفسك أولًا. الأم التي تعتني بنفسها تكون أقوى، وأكثر هدوءًا، وأكثر حضورًا لطفلها. وهذا ليس ترفًا، بل حق.